بــــــــــــــــــــــومرداس عبر الحضارات
تجمع بومرداس بين الغنى الحضاري الأثري والجمال الطبيعي الخلاب، عكسه تنوع مناطقها بين ريفية جبلية، وساحلية سياحية عانقت جزءا من زرقة البحر الأبيض المتوسط فارتبط اسمها بشواطئه، هي منطقة متفوقة وراقية وتاريخية بامتياز، عرفت تعاقب حضاري مهم، فسميت منارة للحضارات، أنجبت مبدعين ومثقفين حملوا مشعل الفكر والفن وبُنيت على أرضها معاهد وجامعات فاستحقت لقب بومرداس مدينة الفكر والإبداع..
الموقع الجغرافي
تحتل ولاية بومرداس موقعا جغرافيا مميزا فهي ولاية ساحلية بامتياز تقع في الشمال المركزي الجزائري و تبعد بمسافة 50 كلم عن الجزائر العاصمة، تمتد على شريط ساحلي يزيد طوله عن 100 كلم انطلاقا من بودواو البحري شرقا إلى بلدية أعفير غربا، يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، من الشرق ولاية تيزي وزو, من الغرب ولاية الجزائر، من الجنوب ولاية البويرة ومن الجنوب الغربي ولاية البليدة.
أنشأت ولاية بومرداس بعد التقسيم الإداري في 4 فيفري 1984وتتربع على مساحة إجمالية تقدر بـ1456 16 كلم مقسمة على 9دوائر و32 بلدية أما عدد سكانها فهو حوالي 861 578نسمة.
المناخ
تعرف منطقة بومرداس بجوها ومناخها الساحلي المتوسط الذي يتميز بالبرودة والرطوبة في فصل الشتاء والحرارة والجفاف في فصل الصيف، وهو مناخ متغير في المناطق الداخلية للولاية بحكم طبيعة تضاريسها. أما معدل سقوط الأمطار فيتراوح ما بين500 و1300مم سنويا أما معدل الحرارة فيقدر بـ 18°سنويا على خط الشريط الساحلي و 25° بالمناطق الداخلية.
أصل التسمية :
الجزيرة الخضراء ، الصخرة السوداء ، بومرداس أسماء وحضارات تعاقبت على بلدة طيبة . يعود أصل تسميتها إلى العلامة سيدي علي بن احمد بن محمد ( البومرداسي) الذي يتصل نسبه بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهو علي بن أحمد بن محمد بن يحي بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله بن محمد بن الحسن المثنى السبط بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم .
شيّد سيدي أحمد بن محمد البومرداسي زاوية تعرف بالزاوية السفلانية، لعبت دورا هاما و فعالا في تاريخ المنطقة، حيث كانت بومرداس منارة للعلم والمعرفة وتعاليم الدين الحنيف، استقطبت العديد من الطلبة وساهمت في المحافظة على المقومات والثوابت الوطنية.
فترة ما قبل التاريخ :
استقر الإنسان البدائي في ولاية بومرداس في حدود الألفية الثانية والعشرون قبل الميلاد أي العصر الحجري القديم . اتخذ ضفاف واد يسر وواد سيباو مقرا لإقامته، حيث جسد عليها جل مواهبه وإبداعاته الفكرية بما يتماشى وحاجاته البيولوجية. وشهدت هذه المرحلة تسلسل تاريخي متعاقب انبثق عنه ميلاد عدة عصور :
العصر الحجري القديم الأسفل( 2,3 ــ 0,1) مليون سنة قبل الميلاد :
عرف بظهور صناعات يدوية مختلفة أبرزها الصناعات الحصوية التي تعود إلى الحقبة ” ما قبل اشولية ــ اشولية ” تتمثل هذه الصناعة في رؤوس أسهم الصيد، خناجر، وأدوات يدوية أخرى، حيث يستخدم حجر”الصّوان” المعروف بحجر “سيلكس ” كمادة أساسية في هذه الصناعة. وقد عثر على شواهد أثرية تعود للعصر الحجري القديم الأسفل في بعض مناطق ولاية بومرداس، منها : دلس، الموقع الأثري زموري البحري، برج منايل وجناد.
العصر الحجري القديم الأوسط (100ــــ 20 ) مليون سنة قبل الميلاد:
من أشهر الصناعات التي عرفها العصر الحجري القديم الأوسط، صناعة الذنيبات أو ذات العنق التي عرفت باسم الصناعة العاترية نسبة إلى بئر العاتر بولاية تبسة التي شهدت أول اكتشاف لهذه الصناعة وقد تم اكتشاف نماذج منها في مدينة دلس .
العصر القديــــم المتــــــــأخر:
عرفت منطقة واد يسر “الساحل الغربي” و”مدينة زموري البحري” ببومرداس الوجود الإبيروموري، حيث شهدت هذه الحضارة صناعات متنوعة تمثلت في صناعة النصال، النصيلات، المحكات،.. إذ عثر العالم الجيولوجي الفرنسي أيمي سنة 1948م على مخلفات أثرية لهذه الصناعات بموقع أثري سمي نسبة لاسمه.
كما قام الأستاذ إبراهيم. ك سنة 1968م بحفرية حول الموقع الأثري “أيمي” نتجت عنها اكتشافات لأدوات إيبورومورية هامة والتي خضعت لدراسة معمقة من طرف الأستاذة لطيفة صاري سنة 2002م.
فجـــــــر التــــــــــــاريــــخ :
خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد عرفت البشرية تطورات، جعلت الإنسان يتخلى عن الأدوات البدائية ليدخل مرحلة جديدة تميزت بظهور الصناعات المعدنية، كما تم اكتشاف الكتابة الألف بائية “التيفيناغ ” أو الكتابة الليبية التي قضت على الكتابة التصويرية، والتي كانت سائدة خلال عصور ما قبل التاريخ، حيث عثر علماء الآثار أمثال “Vegnral.m. Verie” خلال القرن 19م على نقيشات للكتابة الليبية، على ضفتي كل من وادي يسر ووادي شندر بولاية بومرداس، كما عثر أيضا على بقايا آثار لكتابة ليبية “التيفيناغ ” تتشكل من ستة أحرف في منطقة وادي بن حسين ببلدية لقاطة. وقد تحدث العالم ستيفان غزال في كتابه الأطلس الأثري عن الكتابات الليبية المكتشفة من قبل علماء الآثار في مختلف مناطق بومرداس، كمنطقة وادي يسر ووادي جمعة.
الفتـــــــــــــــــــــرة الليبيـــــــــــــة :
تميزت الشعوب الليبية في بنيتها الاجتماعية والحضارية والدينية عن الشعوب “الإيبيرية “وشعوب الشرق القديم ” الشرق الأدنى “. ومن مظاهر المعتقدات الدينية للمجتمع الليبي عبادة حمون “الكبش”، وقد عرف هذا العهد ظهور نظام “المقابر الميغاليتية” ، “والدولمانات”، “والشوشات ، “وتومولوس”، ويعد النشاط الزراعي من أهم ما تميز به المجتمع الليبي.
وقد وجدت بقايا شواهد نذريه ترجع لهذه الحقبة الزمنية بمنطقة وادي بن حسين تتمثل في نحت حجري لآدميين متشابكي الأيدي بجوارهم “كبش” كان يرمز لإلههم الأعظم “حمون”، كما عثر على نماذج أثرية لمقابر تمثلت في دولمانات تومولوس.
الفتــــــــــــرة الفينـــــــيقيــــــــــــة :
عرف الفينيقيون باختيارهم الاستراتيجي للمواقع السهلة لإرساء المحمية من تأثير التيار البحري، مثل الرؤوس ، الخلجان والجزر، في بناء محطاتهم البحرية التي أصبحت مراكز تجارية وعمرانية هامة، فوقع اختيارهم لكل من موقع دلس “روسوكورو “بمعنى رأس الصيادين، موقع جناد المعروف باسم “كيسي”، وموقع زموري البحري الذي أطلق عليه اسم “روسو بيكاري ” بمعنى رأس البقرة .
ومن أهم الشواهد الأثرية الفينيقية : شاهدة نذرية عثر عليها بمدينة دلس مفادها أن خادمة الإله بعل الفينيقية تتقرب إليه بالهدايا والمشروبات. بالإضافة إلى اكتشاف شواهد جنائزية تعود إلى الحقبة البونيقية في كل من تاورقة حاج احمد بزموري، وادي بن حسين، والتي جسدت أشكال وملامح الإلهة الفينيقية “تانيت”.
الفتــــــــرة النـــــوميـــــــديـــــة :
وحد الملك النوميدي ماسينيسا بلاد المغرب من خلال توحيده لمملكتين عظيمتين ، مملكة الماسيل وعاصمتها سيرتا (قسنطينة حاليا) ومملكة الماسيسيل وعاصمتها “بومرداس” سنة 152 قبل الميلاد، تحت شعار “إفريقيا للأفارقة” ؛ أدّت خلالها مناطق بومرداس بموانئها الإستراتيجية دورا هاما في التجارة الداخلية والخارجية مع بلاد الإغريق والرومان وشرق البحر الأبيض المتوسط. وقد كان للقائد ماسينيسا وابنه ماسيبسا الفضل في إعمار المناطق الداخلية لبومرداس نتيجة الإصلاحات الزراعية التي قاما بها، حيث انتشرت القرى الفلاحية والمزارع والأرياف كبساط أخضر يكسو المنطقة.
الفتـــــــرة الرومــــــــانية :
انطلقت حركة إنشاء المستعمرات الرومانية على أنقاض المدن البونيقية والنوميدية بعد القضاء على ثورة تاكفاريناس، فتأسست بمنطقة بومرداس أربع مستعمرات رومانية، روسوكوروس “دلس” كيسي مينيسيبيوم “جناد “روسوبيكاري” زموري البحري ” تيقيسي” “تاورقة “، حوّلت فيما بعد إلى أهم أسقفيات الديانة الكاثوليكية والدوناتية لموريطانيا القيصرية فانتشرت بها الكنائس والبازيليكات على نطاق واسع وزالت بها المعالم الوثنية، وأضحت هذه المدن قبلة لطلاب المرحلة الابتدائية في العلوم الدينية قبل انتقالهم إلى المعاهد الكبرى بالعاصمة قرطاجة، ومداوروش. وقد عرفت هذه الفترة عصرها الذهبي في عهد الإمبراطور الروماني “كلوديوس “. ومن أهم الشواهد الرومانية بولاية بومرداس، بقايا صور المدينة الرومانية “روسوكوروس” “دلس” حمامات ، نصب جنائزية ونذرية ، تابوت من مادة الرخام يتواجد حاليا بمتحف الآثار القديمة بالجزائر العاصمة، منابع المياه كالمنبع المائي “الغيشة” ببلدية برج منايل، قنطرة خميس الخشنة ، خزان المياه بمنطقة حاج احمد، بالإضافة إلى أواني ومنحوتات أثرية أخرى (مصابيح زيتية ، أواني فخارية ، قطع من الفسيفساء) عثر عليها في كل من دلس، جناد، الموقع الأثري زموري البحري، تاورقة ولقاطة .
الفترة الوندالية :
دخلت الحملة الوندالية على شمال إفريقيا بقيادة الملك “جانسريق” فسقطت خلالها قرطاجة عاصمة إفريقيا الرومانية وبونة عنابة حاليا سنة 431م، وواصل الوندال زحفهم إلى موريطانيا القيصرية وبومرداس، إحدى المدن التي لم تجد خلالها سوى أساقفتها الذين آلت إليهم مسؤولية الدفاع عن هذه المدن وذلك بقيادة القديس “سانت أوغستين” لكن دون جدوى حيث سرعان ما سقطت تلك المدن الواحدة تلك الأخرى في يد الوندال الذين عاثوا فيها فسادا و خرابا، ما عدا “روسوكوروس “. واستمرت تحت سيطرتهم إلى غاية منتصف القرن السادس بعد الميلاد، إلى أن جاءت الحملة البيزنطية على بلاد المغرب.
الفتـــــــرة البيزنطية:
بعد انهزام الجيوش البيزنطية على يد الملك الموريطاني “ماستيغاس” في قلعة “توبوسوبتو” وادي الصومام، فانضمت هده الاخيرة للأسطول البيزنطي المتواجد في السواحل الشرقية لبومرداس ونتيجة للسياسة البيزنطية الجائرة على أهالي المنطقة، ظهرت عدة ثورات قادها ملك البربر ضد البيزنطيين دفاعا عن أرضهم. وقد حررت معظم المدن النوميدية والموريطانية في عهد الملك “يابداس”، ماعدا مدينتي روسوكوروس “دلس” التي ظلت تحت النفوذ البيزنطي إلى غاية الفتوحات الإسلامية لبلاد المغرب.
الفتــــوحات الإسلامية :
وصلت الحملة العربية الإسلامية إلى سواحل منطقة بومرداس في أوائل القرن الثامن بعد الميلاد (704م ) في عهد الخليفة عبد العزيز بن مروان ،ففتحت مدنها و أزيح الوجود الإفريقي والروم البيزنطي بقيادة الوالي موسى بن نصير، فسكن المسلمون مناطق ولاية بومرداس، وأطلقوا على مدينة روسوبيكاري “مرسى الدجاج ” و كيسي مينيسبيوم “مدينة بني جناد” وروسوكوروس “تادلس” .
الفتـــرة الفاطميـــــة:
سنة 909م وبعد قرابة قرنين من الزمن، دعا عبد الله الشيعي سكان مدن بومرداس للانضمام تحت لواء الفاطميين لتصبح المنطقة أهم الحصون الفاطمية في مواجهة النورمان وبني أمية ببلاد الأندلس .
الفتـــرة الزيريــــة:
أصبحت إفريقية وبلاد المغرب بما فيها منطقة بومرداس تابعة لبلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي، وهذا كان سنة 972 م ، وقد شهدت هذه الفترة العديد من الغزوات البحرية ضد النورمان.
الفتــــرة الحماديـــة :
يصف الإدريسي مدينتي تادلس ومرسى الدجاج بمنطقة بومرداس خلال الفترة الحمادية بالثراء والشهرة لما شهدته المنطقة من انفتاح حضاري كبير، وقد حكم هاتين المدينتين أحد أشهر أمراء الطوائف، الأمير معز الدولة بن صمادح الذي فر هاربا من المرابطين بعد استيلاءهم على الأندلس، ولجأ إلى المنصور بن ناصر بن علناس ببجاية فأقطعه مدينة تادلس التي أصبحت إلى جانب مدينة مرسى الدجاج المجاورة من أهم حواضر بجاية الحمادية، ففتحت منطقة بومرداس أبوابها للهجرات الأندلسية ما زادها ارتقاء وازدهارا في جميع الميادين.
الفتـــرة الموحديــــة :
عرفت الفترة الموحدية نزاع بين بني حماد وعبد المؤمن بن علي الذي استحوذ وبسط نفوذه على مدن منطقة بومرداس التي كانت تحت سلطة حماد بن بلكين، وكان ذلك في منتصف القرن 19م، كما شهدت هذه المرحلة أيضا ثورة يحي ابن غانية الميورقي على الموحدين، ونتيجة لذلك تعرضت معظم مدن المغرب الأوسط من بينها مدينة مرسى الدجاج “زموري البحري”، إلى حملة تخريب شاملة وذلك سنة 1225م.
الفتـــرة الحفصيـــة والزيانيـــة :
عاشت منطقة بومرداس بعد تداعي سلطان الدولة الموحدية على يد يحي بن أبي غانية مجموعة صراعات بين الدويلات المغربية المتنازعة عليها، (الحفصية، الزيانية، المرينية) فأصبح حكمها ينتقل من سلطة إلى أخرى، إلى أن ورثها عرب الثعالبة خلال الثلث الأول من القرن 15م واستقرت في سهول متيجة وكانت مدينة الجزائر وتادلس تحت سيطرتهم بزعامة العلامة عبد الرحمان الثعالبي أحد أبرز أعلام الجزائر خلال القرن 15م والذي يعود نسبه إلى عرب الثعالبة إحدى أشهر القبائل العربية التي اتخذت وادي يسر مقرا لإقامتها وذلك بعد رحيل الفاطميين إلى مصر.
الفتــــرة العثمانيـــــة :
بعد الدخول العثماني إلى بلاد المغرب الأوسط وإفريقية بقيادة الشقيقين عروج وخير الدين، قام الشقيقان بربروس بتقسيم البلاد إلى مقاطعتين، المقاطعة الشرقية وعاصمتها تادلس (بومرداس)، المقاطعة الغربية وعاصمتها مدينة الجزائر.
وصل التوسع العثماني الى معظم مدن وسواحل بومرداس التي تناوب على حكمها أهم البايات العثمانية أشهرهم الباي محمد بن علي الملقب بالذباح نسبة لكونه يعاقب كل خارج عن القانون بالذبح، والذي عينه الباي إبراهيم رمضان قائدا على برج سيباو خلفا لعمه حسن بن عثمان خوجة. وقد لقي الذباح حذفه خلال حملة “ايثايراثن” بسوق الأحد ببومرداس على يد أحد جنوده الاتراك،
فتـــرة الاحتـــــــلال الفــــــرنســــي:
وقعت المنطقة في يد الاستعمار الفرنسي إثر حملة الماريشال بيجو سنة 1844م وذلك بعد خرق معاهدة التافنة المبرمة بين الأمير عبد القادر والجنرال بيجو سنة 1837م.
من هنا بدأ الأمير عبد القادر في تنظيم مقاطعته و دخل في صراع كبير مع فرنسا بعد خرق معاهدة التافنة 1839وبعد تضييق الخناق عليه، التجأ الأمير إلى المغرب الأقصى سنة 1844م وعمل على تنظيم جيشه واستعادة قوته، ليعود سنة 1845م ، مواصلا زحفه عبر الصحراء وجبال أولاد نايل مرورا بقصبة بني سليمان نحو سهل يسر قاطعا بذلك 140 كلم خلال 24 ساعة ليصل مع فجر 5 فبراير 1846م إلى منطقة يسر الويدان في كوكبة مكونة من 300 خيال ليفاجئ جيش الماريشال بيجو الذي كان متجها نحو دلس عبر واد الأربعاء بيسر الدروع، حيث دخل الطرفان في معركة ضارية حقق فيها الأمير انتصارا كبيرا .
إلى جانب ثورة الأمير عبد القادر، شهدت المنطقة حملات عسكرية فرنسية أخرى قادها أشهر الماريشالات والجنرالات أمثال بيجو، راندون، كومان، ماكماهون، ضد قبائل افليسةـ، آيت واقنون، عمراوة وبني جناد،
وبعد اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954م أصبحت بومرداس تابعة للولايتين التاريخيتين الثالثة والرابعة. حيث كانت المنطقة مسرحا للمعارك والمشدات العسكرية، أهمها معركة ” شرابة ” 22 ديسمبر 1954م، معركة “اسطورة” بمنطقة خروبة ، معركة “كمين جراح ” بناحية بوزقزة في 14 ديسمبر 1955م.
وفي مطلع الستينات من القرن 19م بعد نجاح مفاوضات ايفيان واسترجاع السيادة الوطنية الجزائرية تم تسليم القوة المحلية الجزائرية إلى الهيئة التنفيذية المؤقتة وذلك في صبيحة يوم 21 أفريل 1962م، حيث تم اختيار بومرداس (الصخرة السوداء) مقرا للهيئة التنفيذية المؤقتة على رأسها عبد الرحمن فارس كمكلف بتصريف وإدارة الشؤون العامة الخاصة بالجزائر. ورفع العلم الوطني الجزائري لأول مرة في مدينة بومرداس ROCHER NOIR سابقا.
شواهـــد من التاريــــــخ :
تزخر ولاية بومرداس بمعالم تاريخية هامة يرتكز معظمها على السواحل، كدلس “روسكوروس” وراس جنات وزموري أو مرسى الدجاج، ذكرها العديد من الرّحالة كالإدريسي في القرن الثاني عشر والرّحالة الانجليزي المشهور توماس شي ” Chy Tomas ” في القرن 18م والرّحالة الألماني هاينريش فون مالشان في القرن 19م وغيرهم، كما برزت أهمية مرتفعات بني عيشة بالثنية الإستراتيجية، لكونها بوابة تربط مدينة الجزائر والشرق الجزائري فاشتد الصراع بين الأتراك وإمارة “أـث القاضي” بالزواوة من أجل السيطرة عليها. وقد كانت هذه المرتفعات، حسب رواية الباحث رابح بلعباس، مقرا للملك الأمازيغي نوبل وابنه فرموس